!! لبنان .. لم أزرها من قبل و لم أعاشر من أهلها إلا قليلين .. و لا سبب واضح عندي لتفسير سر انشغالي الدائم بها
تستأثر تلك البقعة الصغيرة من بين الكثير من أراض و بلاد واسعة عذّبها الاستعمار و استزفتها الحروب ,على اهتمامي و فضولي .. و لا أذكر عدد المرات التي حاولت فيها جاهدة لفهم طبيعة الأمور في تاريخها و احداثها , و لا أذكر أيضا أني قد وصلت إلى ما يشفي حيرتي و دهشتي يوما
و يبقى سؤالي قائما : من اين لهؤلاء البشر قليلو العدد عديدو الانقسامات أن يحافظوا على ذاك القدر من الحياة و الصمود ؟؟ كيف لهم أن يفهموا طبيعة بلادهم بتداخلاتها و غرائبها .. أم أنهم لم يصلوا إلى الفهم بعد !! فربما يكون هذا هو السبب الذي يرميهم بعيدا عن الاستقرار و الوحدة
في حروبهم ضد الاحتلال .. و صمودهم في وجه طغيان اسرئيلي لم يهمل أطماعه في أرضهم و توجهاتهم يوما .. في حروبهم الاهلية و انقسماتهم بين سنة و شيعة و مواقفهم المتطرفة و المتنافرة من القضية الفلسطينية .. في تشكيلاتهم السياسية و أحزابهم و رجالات دولتهم الذي ينفرد كل منهم بتاريخ غريب الملامح من الشجاعات و البناء و التحالفات و السقطات و النوازع الإجرامية أحيانا !! من فنونهم و اغانيهم و حبهم الطاغي للحياة و أفئدتهم التي ما نست يوما أحزانها وذكريات الدمار الذي أطاح بقلب بيروت و أحاله رمادا يتنادى بالنهوض مجددا في وجه كل أزمة !! و ربما كانت حرب تموز و من قبلها حرب 1982 أكثر الأزمات أيلاما و أعنفها قسوة
في قلب كل هذا يخالجك شعور بالحسرة و الترقب .. و لا يمهلك التاريخ متسعا من الصدق و نقاء الطرح و وضوح السرد , فلا يمنّ عليك حتى بفرصة الفهم و التعلّم .. لا يبقي ذاك التاريخ لك إلّا حكاوي ( الختاير ) و العجائز و بواقي أمل عاش بين ثنيات الأزقة و النفوس .
No comments:
Post a Comment